د. راغب السرجاني
المشرف العام على الموقع
طبيب ومفكر إسلامي، وله اهتمام خاص بالتاريخ الإسلامي، رئيس مجلس إدارة مركز الحضارة للدراسات التاريخية بالقاهرة، صاحب فكرة موقع قصة الإسلام والمشرف عليه، صدر له حتى الآن 58 كتابًا في التاريخ والفكر الإسلامي.
ملخص المقال
قصة الأندلس .. كتاب جديد للدكتور راغب السرجاني، صادر عن دار اقرأ للطباعة والنشر والتوزيع، يتناول الكتاب تاريخ الأندلس من الفتح إلى السقوط مرورا بتاريخ
صدرت الطبعة الأولى من كتاب (قصة الأندلس) للدكتور راغب السرجاني، عن دار اقرأ للطباعة والنشر والتوزيع والترجمة، وتأتي أهمية الكتاب أنه الكتاب الأول من نوعه الذي يتناول تاريخ الأندلس من الفتح إلى السقوط في مجلدين، مع كامل التوثيق والتخريج، فضلا عن التحليل والاستنباط وربط تاريخ الأمة بواقعها المعاصر.
أهمية كتاب قصة الأندلس
تأتي أهمية كتاب قصة الأندلس لأنه يتناول فترة تاريخية هامة من تاريخ الإسلام غفل عنها الكثير من المسلمين في الوقت المعاصر، فتاريخ الأندلس يشمل أكثر من ثمانمائة سنة كاملة من تاريخ الإسلام، وتحديدًا من عام (92هـ=711م) إلى (897هـ= 1492م)؛ أي ثمانمائة وخمس سنين (هجريًّا)، هذا إذا أغفلنا التداعيات التي أعقبت ما بعد عام 897هـ، فهي فترة ليست بالقليلة من تاريخ الإسلام؛ فمن غير المقبول إذًا ألاَّ يعرف المسلمون تفاصيل فترة شغلت في الزمن أكثر من ثلثي التاريخ الإسلامي، هذا أمر.
والأمر الآخر أن تاريخ الأندلس لطول فترته، مرَّ فيه كثير من دورات التاريخ التي اكتملت ثم انتهت، فسنن الله في تاريخ الأندلس واضحة للعيان؛ فقد قام فيه كثير من الدول وارتفع نجمها، وسقط فيه -أيضًا- كثير من الدول وأفل نجمها، كثير من الدول أصبحت قوية؛ ومن ثَمَّ راحت تفتح ما حولها من البلاد، وكثير منها أصبحت ضعيفة، وأصبحت لا تستطيع حماية أرضها، أو تعتمد على غيرها في حمايتها؛ مثلما يحدث الآن، وظهر -أيضًا- في تاريخ الأندلس المجاهد الشجاع، وظهر الخائف الجبان، ظهر التقيُّ الورع، كما ظهر المخالف لشرع ربه U، ظهر في تاريخ الأندلس الأمين على نفسه وعلى دينه وعلى وطنه، وكذلك الخائن لنفسه ودينه ووطنه، ظهرت كل هذه النماذج، وتساوى فيها الجميع؛ حاكم ومحكوم، عالم وأمِّيٌّ.
وما من شكٍّ أن دراسة مثل هذه الأمور يُفيد كثيرًا في استقراء المستقبل للمسلمين.
إن في تاريخ الأندلس أحداث يجب أن نعرفها:
من الضروري أن نعرف موقعة وادي بَرْبَاط؛ تلك الموقعة التي تُعَدُّ من أهمِّ المعارك في التاريخ الإسلامي، ليس لأنها الموقعة التي فُتحت فيها الأندلس فقط؛ ولكن لأنها تُشَبَّه في التاريخ بموقعتي اليرموك والقادسية، ومع ذلك فإن الكثير من المسلمين لا يسمع من الأساس عن وادي بَرْبَاط.
ومن الضروري -أيضًا- أن نعلم هل قصة حرق السفن -التي يُقال: إنها حدثت في عهد طارق بن زياد /- حقيقة أم من نسج الخيال؟ كثير من الناس لا يعلم حقيقة وتفاصيل هذه القصة، وكيف حدثت، إنْ كانت قد حدثت؟ وإذا لم تكن حدثت في الأصل فلماذا انتشرت بين الناس؟!
ثم يجب أن نعرف مَنْ يكون عبد الرحمن الداخل –رحمه الله؛ ذلك الرجل الذي قال عنه المؤرخون: لولا عبد الرحمن الداخل لانتهى الإسلام بالكلية من بلاد الأندلس.
كما يجب أن نعرف مَنْ هو عبد الرحمن الناصر، أعظم ملوك أوربا في القرون الوسطى على الإطلاق؛ ويجب أن نعرف كيف وصل إلى هذه الدرجة العالية؟ وكيف أصبح أكبر قوة في العالم في عصره؟
وكذلك يوسف بن تاشفين رحمه الله القائد الرباني، صاحب موقعة الزَّلاَّقَة، يجب أن نعرفه ونعرف كيف نشأ؟ وكيف ربَّى الناس على حياة الجهاد؟ وكيف تمكَّن من الأمور؟ بل وكيف ساد دولةً ما وصل المسلمون إلى أبعادها في كثير من فتراتهم؟
وأبو بكر بن عمر اللمتوني.. هذا المجاهد الذي دخل الإسلامَ على يده أكثرُ من خمس عشرة دولة إفريقية.
ومن المهم -أيضًا- أن نتعرَّف على أبي يوسف يعقوب المنصور، صاحب موقعة الأَرَكِ الخالدة؛ تلك التي دُكَّت فيها حصون النصارى، وانتصر فيها المسلمون انتصارًا ساحقًا.
كما يجب أن نعرف دولة المرابطين وكيف قامت؟ ودولة الموحدين وكيف قامت؟
ومن الضروري أن نعرف مسجد قُرْطُبَة، ذلك المسجد الذي كان يُعَدُّ أوسع مساجد العالم، وكيف حُوِّل إلى كنيسة ما زالت قائمة إلى اليوم؟! وكذلك مسجد إشبيلية ينبغي أن نعرفه.
وينبغي أن نعرف جامعة قُرْطُبَة والمكتبة الأموية، وقصر الزهراء ومدينة الزهراء..
ينبغي أن نعرف قصر الحمراء، وغيرها من الأماكن الخالدة التي أمست رسومًا وأطلالاً، وهي اليوم في عِدَاد أفضل المناطق السياحية في إسبانيا، وتُزار من عموم الناس؛ سواء كانوا مسلمين أو غير مسلمين.
موقعة العِقَاب تلك التي مُنِيَ فيها المسلمون بهزيمة ساحقة، رغم تفوُّقهم على عدوِّهم في العدد والعُدَّة، وكأنَّ موقعة حُنَيْن عادت من غابر التاريخ؛ لتروي أحداثها في موقعة العقاب، تلك الموقعة التي قال عنها المؤرخون: بعد موقعة العقاب لم يُرَ في الأندلس شابٌّ صالحٌ للقتال.
كما يجب أن نعرف كيف سقطت الأندلس؟ وما عوامل السقوط؟ التي إن تكرَّرت في أُمَّة من المسلمين سقطت لا محالة بفعل سنن الله الثابتة.
ثم كيف وأين سطعت شمس الإسلام بعد سقوط الأندلس؟ كيف جاء غروب شمس الإسلام في الأندلس -في غرب أوربا- متزامنًا مع إشراقها وسطوعها في القسطنطينية شرق أوربا؟
كما يجب ألاَّ ننسى مأساة بلنسية، وكيف قُتِل ستون ألف مسلم في يوم واحد؟ وما أحداث مأساة أُبَّذَة؟ وكيف قُتل ستون ألف مسلم آخرون في يوم واحد؟
ثم يجب أن نذكر دائمًا مأساة بَرْبُشْتَر، وكيف قُتل أربعون ألف مسلم في يومٍ واحدٍ، وسُبيت سبعة آلاف فتاة بِكْر من فتيات بَرْبُشْتَر؟! وقد شاهدنا هذه الأحداث الغابرة تُعِيد التحدُّث عن نفسها في البوسنة والهرسك وغيرها من بلاد المسلمين.
لو عرفنا هذا كله، وعرفنا ردَّ فعل المسلمين، وكيف قاموا من هذه المآسي المفزعة، لعرفنا كيف ننهض الآن ونقوم.
إن قصة الأندلس قصة مؤلمة؛ ذلك أننا سنستعرض تاريخًا ومجدًا زاهرًا، ونحن نعلم أن هذا المجد قد انتهى وضاع، وصارت الأندلسُ الفردوسَ المفقود.. إلا أنه لا مناص عن قراءة صفحات هذا المجد السليب، وهذا التاريخ الثريّ.. لنقرأ كيف تقام الأمجاد وكيف تضيع، فلئن كنا نسعى في نهضة أمتنا ورفعتها فَلأَن نسعى ونحن نعلم وندرك خبرة الماضي خير من أن نسعى ولا ماضي لنا ولا خبرة.
إن تاريخ الأندلس بصفحاته الطويلة -أكثر من ثمانمائة عام- يُعَدُّ ثروةً حقيقية.. ثروة ضخمة جدًّا من العلم والخبرة والعِبرة، ومن المستحيل في هذه الدراسة أن نُلِمَّ بكل أحداثه وتفصيلاته، بل لا بُدَّ وأن نُغفِل منه بعض الجوانب؛ ليس تقليلاً من شأنها وإنما اختصارًا للمساحة.
قصة الأندلس
تناول الدكتور راغب السرجاني تاريخ الأندلس في عشرة أبواب مع مقدمة وخاتمة:
ففي المقدمة: تناول الحديث عن التاريخ وأهميته في حياة الأمة، ولماذا نكتب التاريخ؟ وبيّن سنة الله U في تغيير الأمم وتبديل أحوالها؛ سواء كان هذا التبديل من الضعف إلى القوة، أو كان من القوة إلى الضعف، وأهم المراحل التي مرّ بها تاريخ الأندلس.
أما الباب الأول فهو بعنوان: الطريق إلى الأندلس، مكوَّن من فصلين، الفصل الأول بعنوان: الأندلس .. طبيعة المكان، والفصل الثاني بعنوان: الأندلس قبل الإسلام.
أما الباب الثاني فهو بعنوان: فتح الأندلس، مكوَّن من خمسة فصول، الفصل الأول بعنوان: فتح الأندلس.. فتح أموي مجيد، الفصل الثاني بعنوان: موسى بن نصير وقرار الفتح، الفصل الثالث بعنوان: طارق بن زياد يفتح الأندلس، الفصل الرابع بعنوان: الفتح الإسلامي يكتسح الجزيرة، الفصل الخامس بعنوان: قرار الخليفة بوقف الفتح واستدعاء القادة.
أما الباب الثالث فهو بعنوان: عصر الولاة، مكوَّن من أربعة فصول، الفصل الأول بعنوان: عهد القوة، الفصل الثاني بعنوان: معركة بلاط الشهداء وتوقف الفتوحات، الفصل الثالث: وقفة تاريخية بعد معركة بلاط الشهداء، الفصل الرابع بعنوان: عهد الضعف في فترة الولاة.
أما الباب الرابع فهو بعنوان: عصر الإمارة الأموية، مكوَّن من أربعة فصول، الفصل الأول بعنوان: عبد الرحمن الداخل، الفصل الثاني بعنوان: عصر عبد الرحمن الداخل، الفصل الثالث بعنوان: الإمارة الأموية في عهد القوة، الفصل الرابع بعوان: الإمارة الأموية في عهد الضعف.
أما الباب الخامس فهو بعنوان: عصر الخلافة الأموية، مكوَّن من عشرة فصول، الفصل الأول بعنوان: عبد الرحمن الناصر، الفصل الثاني بعنوان: الجهاد السياسي والعسكري لعبد الرحمن الناصر، الفصل الثالث بعنوان: النهضة الحضارية في عهد الناصر، الفصل الرابع بعنوان: الحكم المستنصر بن عبد الرحمن الناصر، الفصل الخامس بعنوان: هشام المؤيد بن الحكم وبداية الدولة العامرية، الفصل السادس بعنوان: الجهاد السياسي والعسكري للحاجب المنصور، الفصل السابع بعنوان: أثرى عهود الأندلس قاطبة (الحاجب المظفر بن المنصور)، الفصل الثامن بعنوان: سقوط الدولة العامرية، الفصل التاسع بعنوان: الفتنة وسقوط الخلافة الأموية، الفصل العاشر بعنوان: وقفة مع أسباب السقوط.
أما الباب السادس فهو بعنوان: عصر ملوك الطوائف، مكوَّن من خمسة فصول، الفصل الأول بعنوان: ملوك الطوائف، الفصل الثاني بعنوان: الفرقة والتناحر بين ملوك الطوائف، الفصل الثالث بعنوان: المشهد الصليبي.. تطور الحال في الممالك النصرانية، الفصل الرابع بعنوان: ألفونسو السادس وحرب الاسترداد، لفصل الخامس بعنوان: سقوط طليطلة.
أما الباب السابع فهو بعنوان: عصر المرابطين، مكوَّن من ثمانية فصول، الفصل الأول بعنوان: نظرة على تاريخ المغرب، الفصل الثاني بعنوان: عبد الله بن ياسين وتأسيس دعوة المرابطين، الفصل الثالث بعنوان: يوسف بن تاشفين وتأسيس دولة المرابطين، الفصل الرابع بعنوان: الأندلس تستعين بالمرابطين، الفصل الخامس بعنوان: معركة الزلاقة، الفصل السادس بعنوان: سقوط ممالك الطوائف، الفصل السابع بعنوان: الجهاد السياسي والعسكري للمرابطين، الفصل الثامن بعنوان: المرابطون.. الضعف ثم الانهيار.
وأما الباب الثامن فهو بعنوان: دولة الموحدين، مكوَّن من سبعة فصول، الفصل الأول بعنوان: محمد بن تومرت وتأسيس دعوة الموحدين، الفصل الثاني بعوان: عبد المؤمن بن علي وتأسيس دولة الموحدين، الفصل الثالث بعنوان: عصر القوة في دولة الموحدين، الفصل الرابع بعنوان: معركة الأرك الخالدة، الفصل الخامس بعنوان: معركة العقاب.. والهزيمة المريرة، الفصل السادس بعنوان: تساقط ممالك الأندلس، الفصل السابع بعنوان: ضعف وسقوط دولة الموحدين.
وأما الباب التاسع فهو بعنوان: مملكة غرناطة وسقوط الأندلس، مكوَّن من عشرة فصول، الفصل الأول بعنوان: تأسيس مملكة غرناطة، الفصل الثاني بعنوان: بنو مرين يرثون دولة الموحدين في المغرب، الفصل الثالث بعنوان: يعقوب المنصور المريني وجهاده في الأندلس، الفصل الرابع بعنوان: غرناطة تصارع السقوط، الفصل الخامس بعنوان: اتحاد الممالك النصرانية، الفصل السادس بعنوان: الصراع في غرناطة، الفصل السابع بعنوان: حركة الجهاد قبيل سقوط غرناطة، الفصل الثامن بعنوان: سقوط غرناطة، الفصل التاسع بعنوان: مصير المسلمين بعد سقوط غرناطة، الفصل العاشر بعنوان: من علماء الحياة في غرناطة.
وأما الباب العاشر فهو بعنوان: تاريخ الأندلس وقفة معتبر، مكوَّن من أربعة فصول، الفصل الأول بعنوان: نظرة في قيام وسقوط الدول والحضارات، الفصل الثاني بعنوان: حروب الأمس وحروب اليوم، الفصل الثالث بعنوان: أمل النصر لا تخبو جذوته أبدًا، الفصل الرابع بعنوان: فلسطين اليوم أندلس البارحة.
وفي الختام قصيدة أبي البقاء الرندي في رثاء الأندلس، والتي مطلعها:
لِكُلِّ شَيْءٍ إِذَا مَا تَمَّ نُقْصَانُ فَلا يُغَرُّ بِطِيبِ الْعَيْشِ إِنْسَانُ
هِيَ الأُمُورُ كَمَا شَاهَدْتُهَا دُوَلٌ مَنْ سَرَّهُ زَمَنٌ سَاءَتْهُ أَزْمَانُ
هذا الكتاب .. قصة الأندلس
ليس من المقبول أن يهمل المسلمون تاريخهم، وقد قال الله U في كتابه الكريم: {فَاقْصُصِ الْقَصَصَ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ} [الأعراف: 176]..
وليس من المقبول أن يجهل المسلمون تاريخ الأندلس، وهو يمثِّل ثلثي التاريخ الإسلامي!
وليس من المقبول أن يعيش المسلمون الآن أزمات كثيرة تعرَّضوا لأمثالها في تاريخهم السابق، ثم لا يبحثون عن حلولها في صفحات هذا التاريخ الطويل..
إن تاريخ الأندلس تحديدًا يُعَدُّ من أهم فترات التاريخ الإسلامي قاطبة؛ حيث إنه شمل -في أكثر من ثمانمائة سنة- كل أسباب قيام الأمم وسقوطها، وكل عوامل النصر والهزيمة، وكل أسس النجاح والفشل..
إنه ثروة حقيقية، وكنز لا تنتهي عجائبه..
وفوق كل ذلك فهو من أكثر أحداث التاريخ إثارة وتشويقًا..
ولهذا كله كان هذا الكتاب..
نبذة عن كتاب قصة الأندلس
عنوان الكتاب/ قصة الأندلس
المؤلف/ أ. د. راغب السرجاني.
الطبعة الأولى/ 1432هـ = 2011م.
الناشر/ ط1 - القاهرة: دار أقلام للنشر والتوزيع والترجمة، 2010م، (800ص)، 24 سم.
للحصول على كتاب قصة الأندلس:
القاهرة: ت / 0223952464 , م / 0116500111
أو عبر الموقع الإلكتروني : www.aqlamonline.net .
التعليقات
إرسال تعليقك